بالنسبة إلى المدرب الهولندي أرنيه سلوت، هذه أرض مجهولة. 3 هزائم متتالية للمرّة الأولى في مسيرته التدريبية، وجملة من المشكلات التي يتعيّن على مدرب ليفربول التعامل معها.
بعدما سجّل إستيفاو هدف الفوز الدرامي المتأخّر في «ستامفورد بريدج»، موجّهاً صفعة جديدة مؤلمة، يبدو أنّ فترة التوقف الدولي جاءت في وقت مناسب لبطل الدوري الإنكليزي الممتاز. لا يوجد زخم يمكن أن يتأثر بهذه الاستراحة.
سيمنح الأسبوعان المقبلان سلوت فرصة لالتقاط الأنفاس، والتفكير في كيفية انتشال ليفربول من الحفرة التي أوقع نفسه فيها. خلال الشهر الافتتاحي من الموسم، كانت النتائج تُخفي الأداء الضعيف، لكن خلال أسبوع قاسٍ، انتُزعت تلك الغطاءات وكُشفت هشاشته بوضوح.
كان تشلسي المنقوص جاهزاً للهزيمة، بعدما عادل كودي هاكبو هدف مويزيس كايسيدو الافتتاحي، لكنّ فريق سلوت المتعثر فشل في استغلال الفرصة. أهدر في الهجوم، وكان هشاً في الدفاع.
أراد سلوت أن يتطوّر ليفربول هذا الصيف. كان يأمل أن يُهَيمن الفريق أكثر على الاستحواذ ويجد حلولاً أمام الدفاعات المتكتلة. لهذا السبب أنفِق القسم الأكبر من الـ450 مليون جنيه إسترليني على تعزيزات هجومية، من بينها ألكسندر إيزاك وفلوريان فيرتز.
لكن مع هذه التغييرات الجذرية، خسر الفريق، ما جعل سباق الموسم الماضي نحو اللقب أشبه بمَوكب نصر. لا سيطرة، لا توازن، لا صلابة، ولا ثقة. أصبح من السهل جداً اختراقه، ويتضح ذلك من أنّ الفريق استقبل هدفَين في 6 مباريات من أصل 11. في الموسم الماضي، لم يتمكن أي خصم من تسجيل أكثر من هدف ضدّه قبل أواخر تشرين الأول.
كان من المتوقع أن يترافق مشروع إعادة البناء الصيفي مع بعض المعاناة الموقتة، بينما يتأقلم اللاعبون الجدد وتتطوّر العلاقات داخل الملعب. يبدو أنّها فترة الانتقال التي كان كثيرون يتوقعونها منذ أن خلف سلوت، يورغن كلوب قبل 16 شهراً.
لكنّ التحدّي الذي يواجهه المدرب الهولندي في موسمه الثاني أصبح أكثر صعوبة بسبب تراجع أداء لاعبين أساسيِّين. محمد صلاح، الذي أضاع فرصاً متكرّرة، ليس سوى ظل باهت للاعب أرعب المدافعين الموسم الماضي. إبراهيما كوناتي، أليكسيس ماك أليستر، وخاكبو يعانون أيضاً.
في الموسم الماضي، حين كان الجميع في كامل الجاهزية، كانت تشكيلة ليفربول المثالية واضحة تماماً. كان بالإمكان تحديد 9 أو 10 لاعبين أساسيِّين بثقة في كل مباراة. حالياً، الوضع فَوضَوي.
يتواصل التبديل الدائم في مركز الظهير الأيمن، فأثبت تعويض غياب ترينت ألكسندر-أرنولد أنّه مهمّة معقّدة. وعلى الجهة اليسرى، يبدو ميلوش كيركز مشروعاً قَيد التطوير. أمّا البديل آندي روبرتسون، الذي ارتكب خطأ عند القائم البعيد في هدف الفوز، فغادر مصاباً إثر التحام قوي في الدقائق الأخيرة.
خاض ليفربول معظم الشوط الثاني بلاعبَي وسط أساسيَّين في خط الدفاع (دومينيك سوبوسلاي ظهير أيمن، وراين خرافنبرخ إلى جانب فيرجيل فان دايك كقلب دفاع مؤقت). يمكن تخيّل ما كان يدور في ذهن جو غوميز، الذي جلس على مقاعد البدلاء 4 مباريات متتالية في الدوري من دون مشاركة.
كان قرار سلوت جريئاً حين أشرك فيرتز بدلاً من كونور برادلي، ثم استبدل كوناتي، الذي شعر بشدّ في عضلة الفخذ، بكورتيس جونز. لكنّ المدهش أنّه لم يُدخِل فيديريكو كييزا، أحد القلائل الذين يلعبون بثقة. حتى في فترات تفوّق ليفربول، لم يكن الأداء مقنعاً. كانت المباراة مفتوحة تماماً.
يفتقد الفريق حيَوية لويس دياز في الخط الأمامي، فكان انتقاله إلى بايرن ميونيخ منطقياً من الناحية التجارية، خصوصاً أنّه أراد الرحيل بعدما رفض العرض الذي قدّمه له ليفربول.
في غياب دياز، لم يقدّم خاكبو الإضافة المرجوّة. والتناوب بين هوغو إكيتيكي وإيزاك في الهجوم خلق حالة من عدم الاستقرار. رأسية إيزاك الضائعة في الشوط الأول أظهرت أنّه لا يزال يبحث عن استعادة حسّه التهديفي، إثر صيف مضطرب ضغط من أجل انتقاله القياسي.
لا يمكن تقييم ليفربول هذا الموسم من دون أخذ الفقدان المأساوي لديوغو جوتا بالحسبان. أثر الحزن المستمر لا يمكن قياسه. لم تمضِ سوى 3 أشهر على المشاهد المؤثرة في بريستون حين انهمرت الدموع، وكانت مجرّد العودة إلى الملعب إنجازاً بحدّ ذاته.
وأقرّ القائد فان دايك: «كان واضحاً أنّ هذا الموسم سيكون صعباً. ليس فقط بسبب ما يحدث داخل الملعب، بل أيضاً بسبب ما حدث خارجه». كان محقاً في تذكير المنتقدين بذلك. المدافع الهولندي القائد سيكون عنصراً محورياً في مساعدة سلوت على رفع المعنويات داخل غرفة الملابس. دعا إلى الوحدة والتحلّي بالمنظور الصحيح، خصوصاً أنّ ليفربول لا يبعد سوى نقطة واحدة عن صدارة جدول الدوري. ليست بأزمة بعد.
وأضاف فان دايك: «علينا أن نتجاوز هذا معاً. ليس فقط نحن اللاعبين، بل أيضاً الطاقم والجماهير التي احتفلت معنا باللقب. وهذا أمر لا يجب أن ننساه. الأسبوع الماضي كان صعباً، لكن يمكننا قلب الأمور. الأمر يعتمد علينا لنجد الثبات المطلوب. هناك الكثير من الضجيج، وعلينا التعامل معه. مسؤوليّتنا أن نواصل العمل، نحقق النتائج، نبقى متّحدين، ونستعيد الثقة».
وأضاف: «في العام الماضي، كان كل شيء إيجابياً والجميع سعداء. الآن لدينا تعثر، إذا أردت تسمِيَته كذلك، ونحتاج الجميع أكثر من أي وقت مضى لدعمنا والوقوف معنا. الآن الجميع سيذهب إلى مهامه الدولية، لكن عندما نعود، لدينا مباراة كبيرة جداً أمام مانشستر يونايتد، وأنا أتطلّع إليها بالفعل».